1 – المنطلقات القانونية :
وفقا لما سبق بسطه تتجلى ضرورة إصلاح المنظومة القانونية للمؤسسة بما يتيح لها مزيد التطوّر وحسن التصرف فتبلورت بذلك فكرة اقتراح مشروع قانون يُـغَـيِّرُ الصبغة القانونية لمؤسستنا من مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية إلى مؤسسة عمومية ذات صبغة غير إدارية، بـما يتلاءم وطموحات بلادنا في مؤسسات قوية تحمي هيبة الدولة وحقوق المواطن في الآن ذاته ، فخطة الموفق الإداري تم إحداثها لدى رئيس الجمهورية بمقتضى أمر بتاريخ 10 ديسمبر 1992 دون التطرق إلى صبغتها الإدارية، التي وقع توضيحها لاحقا بتاريخ 3 ماي 1993 بمقتضى قانون قصد ملاءمتها مع التشريع الجاري به العمل على مستوى المنظمات المماثلة وتم إحداث مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية، تتمتع بالشخصية المعنـوية والاستقلال المالي أطلق عليـها اسم “مصالح الموفق الإداري“.
وتكون ميزانيتها ملحقة ترتيبيا بالميزانية العامة للدولة وتكون تابعة لميزانية رئاسة الجمهورية وبمقتضى هذا القانون تم ضبط مهام هذه المؤسسة المتمثلة في النظر في الشكاوي الفردية الصادرة عن الأشخاص الماديين والمتعلقة بالمسائل الإدارية التي تَخُصُّهُمْ والتي ترجع بالنظر لمصالح الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والمنشآت العمومية وغيرها من الهياكل المكلفة بمهمة تسيير مرفق عمومي.
كما تنظر في الشكاوى الصادرة عن الذوات المعنوية المتعلقة بالمسائل الإدارية التي تخصها، على أن تقدم الشكوى من طرف شخص مادي له مصلحة مباشرة.
إلاّ أنه بعد مرور أكثر من عشرين سنة على بعث هذه المؤسسة بات حتميا الآن إعادة النظر في صبغتها القانونية وهيكلتها ومهامها ومشمولاتها حتى تتمكن من مواصلة عملها الإداري والإنساني على أحسن وجه والاستجابة إلى التحديات الوطنية والإقليمية والدولية.
وللغرض تم اقتراح مشروع قانون يضبط صيغتها القانونية من ناحية وتغييرها من مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية إلى مؤسسة عمومية ذات صبغة غير إدارية.
وقد تم اعتماد ومراعاة النقاط التالية في صياغة المشروع :
أولا : استوحت مؤسسة التوفيق مشروعها استجابة إلى التحديات التي تفرضها التطورات والمستجدات الحاصلة على المستوى الوطني والعربي والدولي حيث تعيش بلادنا مرحلة انتقالية دقيقة تتطلب بناء مؤسسات وطنية صلبة وقادرة على مواجهة التحديات الوطنية والدولية بمراعاة الحاجات التنموية الملحة وبدعم التنمية الإدارية والاقتصادية والتجارة وبدعم القدرة التنافسية والاهتمام المتزايد بقضايا النهوض برأس المال البشري من خلال إصلاح جميع القطاعات والسياسات الاجتماعية لمواجهة الآثار السلبية المحتملة في بيئة وطنية ودولية سريعة التغيُّر.
ثانيا : صيغ مشروع القانون بعد مراجعة ودراسة شاملة لجميع المراجع القانونية والترتيبية التي تمّ سنها منذ سنة 1992 إلى سنة 2005.
ثالثا : استنبطت المؤسسة أنشطتها ومهامها الجديدة كذلك من آخر التطورات الحاصلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث تغيرت مطالب الشعوب وأصبحت تتركز أكثر على الحقوق والحريات مما يحملنا إلى إعادة التفكير في الدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه مؤسسة التوفيق في تونس وفي جميع البلدان بالعالم.
رابعا : أخذ هذا المشروع بعين الاعتبار دعم علاقات المؤسسة بالمؤسسات العربية والإقليمية والدولية للتوفيق ذات الصلة بمجالات اهتمامه وذلك من خلال التعاون مع هذه المؤسسات بغرض تحقيق أفضل الأهداف المشتركة المتمثلة خاصة في دعم نشاطها والإستفادة من خبرات هذه المؤسسات في تنفيذ مختلف أنشطتها.
خامسا : روعي في اقتراح هذا المشروع ربط هذه المؤسسة بشبيهاتها على الساحة الوطنية سواء التي لها صفة مؤسسة أوهيئة أوهيكل عمومي أومنتمية إلى المجتمع المدني على غرار الرابطة التونسية للدفاع على حقوق الإنسان وغيرها، وذلك لزيادة التركيز في أداء هذه الخدمات ولتفادي تشتت الجهود ومزيد انفتاحها على محيطها الوطني.
سادسا : يهدف المشروع إلى الأخذ بعين الاعتبار توسيع قاعدة المستفيدين من خدمات المؤسسة وذلك من خلال تنويع الخدمات والأنشطة وتحسين نوعيتها مثل توسيع مجال تدخل مؤسسة التوفيق إلى الدفاع عن الحقوق والحريات وخاصة حقوق الطفل.
سابعا : الاستئناس ببعض التجارب الأجنبية العربية منها والأوربية في مجال التوفيق وحتى الافريقية.
ثامنا : يرمي المشروع إلى إضفاء مزيد من الاستقلالية والمرونة الإدارية والمالية للمؤسسة حتى يتمكن الموفق الجمهوري من تصور وإنجاز برامجه وفقا للحاجيات المادية والمالية والبشرية الحقيقية للمؤسسة.
تاسعا : يفتح المشروع آفاقًا للأعوان العموميين العاملين به أوالذين سيلتحقون به لاحقا، كما يُـمَهِّـدُ لصياغة المشاريع اللاحقة التي سيقع التنصيص عليها مستقبلا ضمن مشروع الأمر المتعلق بضبط التنظيم الإداري والمالي وطرق تسيير المؤسسة مركزيا وجهويا مما سيقع اقتراحه في إبَّانه.
2 – مشروع القانون المقترح
يتعلق هذا المشروع بتغيير الصبغة الإدارية لمؤسسة الموفق الإداري من مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية إلى مؤسسة عمومية ذات صبغة غير إدارية.
ويتمحور حول الفصول التالية :
الفصل الأول : أحـدثت مؤسسة عمومية ذات صبغة غير إدارية تتمتـع بالشَّخصيَّة المدنيَّـة وبالاستقلال المالي أطلق عـليها اسم “الموفق الجمهوري“
تخضع هذه المؤسسة لإشراف رئاسة الجمهورية، ويكون مقرُّها بتونس العاصمة وتلحق ميزانيتها ترتيبيا بالميزانية العامة للدولة.
الفصل الثاني : تتمثل مهام الموفق الجمـهوري بالخصوص في ما يلي :
– النظر في حدود شروط تضبط بأمر في الشكاوى الفردية غير المتصلة بالقضاء الصادرة عن الأشخاص الماديين وعن الذوات المعنويَّة على أن تقدم الشكوى من قبل (ممثلها القانوني) شخص مادي له مصلحة مباشرة ترجع بالنظر لمصالح الدولة والجماعات العموميَّة المحليَّة والمؤسسات العموميَّة ذات الصبغة الإدارية والمنشآت العموميَّة وغيرها من الهياكل المكلفة بمهمة تسيير مرفق عمومي.
– يسهر الموفق الجمهوري على احترام الحقوق والحريات الأساسية للمواطن التونسي المنصوص عليها صلب الدستور مِنْ قِـبـَـلِ مصالح الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والمنشآت العمومية وغيرها من الهياكل المكلفة بمهمة تسيير مرفق عمومي.
– يمكن للموفق الجمهوري التدخل بصفة تلقائية دون الاعتماد على شكوى (المنصوص عليها ضمن الفقرة الأولى من هذا الفصل) في المسائل التي يعتبرها ظواهر خطيرة على السلم الاجتماعي أو الاقتصادي بالبلاد.
– يسهر الموفق الجمهوري على تنمية علاقات التعاون وتبادل الخبرات مع الهياكل الشبيهة سواء التونسية أوالأجنبية.
– رفع كلِّ التوصيات اللازمة إلى الجهة المعنية لفض نزاع قائم على سند وجيه، وفي غياب الـرَّدِّ في الآجال المعقولة يرفع الموفق الجمهوري تقريرا في الغرض مشفوعا باقتراحاته إلى سلطة الإشراف.
– يُعِدُّ الموفق الجمهوري تقريرا سنويًّا في نشاطه مشفوعا باقتراحاته وتوصياته التي من شأنها تسهيل وتحسين أداء عمل المرفق العام من خلال إدخال التنقيحات اللازمة والضرورية على القوانين والتراتيب الجاري بها العمل، يرفعه إلى السلطة التنفيذية ممثلة في رئاستي الجمهورية والحكومة والسلطة التشريعية ممثلة في مجلس نواب الشعب ينشر للعموم عند الاقتضاء حسب التوصية الصادرة صلبه من مُعِدِّهِ.
الفصل الثالث : يضبط بمقتضى أمر التنظيم الإداري والمالي وكذلك طرق سير مؤسسة الموفق الجمهوري.
الفصل الرابع : يتولى إدارة المؤسسة موفق جمهوري يتم تعيينه بمقتضى أمر.
– ويعين من بين الكفاءات والخبرات العالية للإدارة التونسية باقتراح من رئيس الجمهورية لمدة خمسة (5) سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.
– وأثناء نظره في الشكاوى لا يتلقى الموفق الجمهوري تعليمات من أي سلطة كانت.
– لا يمكن للموفق الجمهوري الجمع بين وظيفة الموفق الجمهوري ومهام حكومية أو نيابية أو حزبية أو قضائية.
– ويساعد الموفق الجمهوري في القيام بمهامه مكلفون بمأمورية لهم على الأقل خطة مدير إدارة مركزية.
الفصل الخامس : يخضع الأعوان التابعون لمؤسسة الموفق الجمهوري مركزيًّا وجهويًّا إلى التشاريع والتراتيب المنطبقة على المؤسسات العموميَّة ذات الصبغة غير الإدارية.
ويحتفظ هؤلاء الأعوان في وضعيتهم الجديدة على الأقل بحقوقهم المكتسبة.
الفصل السادس : يمكن للموفق الجمهوري إحداث مؤسسات فرعيَّةٍ أوإدارات جهويَّة عند الاقتضاء للتوفيق بعد موافقة سلطة الإشراف، تكون لها نفس المهام المنصوص عليها بالفصل الثاني من هذا القانون على المستوى الجهوي ويضبط التنظيم الإداري والمالي وطرق تسييره بمقتضى أمر.
الفصل السابع : تتكون موارد المؤسسة من :
– مِنَحِ التصرف والتجهيز في إطار ميزانية الدولة.
– موارد متمثِّلةٍ في هبات وعطايا.
– كل الموارد الأخرى التي يمكن أن تحال إليها.
الفصل الثامن : في صورة حَـلِّ مؤسسة الموفق الجمهوري ترجع أموالها إلى الدولة التي تتولى تنفيذ التزاماتها إزاء الغير.
الفصل التاسع : ألغيت جميع الأحكام السابقة والمخالفة لهذا القانون وخاصة منها القانون عدد 51 لسنة 1993 المؤرخ في 03 ماي 1993 المتعلق بمصالح الموفق الإداري والقانون عدد 16 لسنة 2000 المؤرخ في 07 فيفري 2000 المتعلق بإتمام القانون عدد 52 لسنة 1993 المؤرخ في 03 ماي 1993 والقانون عدد 21 لسنة 2002 المؤرخ في 14 فيفري 2002 المتعلق بإتمام القانون عدد 51 لسنة 1993 المؤرخ في 03 ماي 1993 والمتعلق بمصالح الموفق الإداري.
ينشر هذا القانون بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وينفذ كقانون من قوانين الدولة.